تعقيد مفهوم التنمية بين البعد المادي والإنساني
لا يأتي تعقد مفهوم التنمية من تعقد ظاهرة التنمية في حد ذاتها ، أو من السيرورة التاريخية التي تعمل بداخلها، بل و أيضا من الطبيعة المركبة للمفهوم ذاته، وتعدد أبعاده و اختلاف مستوياته.
10/11/2025


تعقيد مفهوم التنمية بين البعد المادي والإنساني
لا ينبع تعقيد مفهوم التنمية من تعقيد الظاهرة التنموية في حد ذاتها فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشمل الطبيعة المركبة للمفهوم ذاته، وتعدد أبعاده وتشابك مستوياته. فالتنمية ليست مجرد سيرورة اقتصادية أو اجتماعية، بل هي عملية تاريخية تتداخل فيها عوامل متعددة: اقتصادية، ثقافية، سياسية، وإنسانية.
🏗️ البعد المادي في التصور الكلاسيكي للتنمية
لقد ارتبط مفهوم التنمية، خصوصًا في الأدبيات الماركسية والتقليدية، بفكرة التقدم المادي. فقد تم اختزال التنمية في عمليات التحديث والعصرنة، حيث اتُّخذ البعد الكمي والمادي مرجعية أساسية لقياس التقدم. في هذا السياق، أصبح إنتاج الثروة هو الهدف الأسمى لعلم الاقتصاد، وغُيّب الإنسان كغاية، ليُختزل في كونه مجرد وسيلة إنتاج.
هذا التصور جعل من الإنسان أداة ضمن منظومة اقتصادية تهدف إلى تعظيم الإنتاج، على اعتبار أن الثروة المنتَجة ستُستخدم لاحقًا لتطوير قدراته الجسدية والعقلية، ليعود مجددًا إلى دائرة الإنتاج في حلقة لا تنتهي.
🌱 نحو فهم شامل للتنمية
غير أن هذا الفهم الضيق للتنمية لم يعد كافيًا في ظل التحولات العالمية المعاصرة. فقد بات من الضروري إعادة النظر في المفهوم ليشمل أبعادًا أخرى، مثل:
• البعد الإنساني: الذي يضع الإنسان في مركز العملية التنموية، ليس كوسيلة بل كغاية.
• البعد البيئي: الذي يراعي استدامة الموارد الطبيعية وحماية البيئة.
• البعد الثقافي: الذي يعترف بتنوع الهويات ويعزز الخصوصيات المحلية.
• البعد السياسي: الذي يربط التنمية بالعدالة الاجتماعية والمشاركة الديمقراطية.
🧩 الخلاصة
إن إعادة تعريف التنمية يتطلب تجاوز النظرة الاختزالية التي تربطها فقط بالنمو الاقتصادي، والانتقال نحو مقاربة شمولية تدمج بين الأبعاد المادية واللامادية. فالتنمية الحقيقية لا تُقاس فقط بمعدلات الإنتاج والدخل، بل بمدى تحقق الكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، والتمكين الفردي والجماعي.
التفاعل
contact@melaidi.com
+212662878411
© 2025. All rights reserved.