أسس علم الاجتماع
لقد كانت الظواهر الاجتماعية موضع اهتمام الكثيرين منذ زمن طويل عند جميع المجتمعات، وقد كانت موضع اهتمام العديد من الدارسين والباحثين من أعالم الفكر االنساني.
مفاهيم
9/23/20251 min read


لقد كانت الظواهر الاجتماعية موضع اهتمام الكثيرين منذ زمن طويل عند جميع المجتمعات، وقد كانت موضع اهتمام العديد من الدارسين والباحثين من أعالم الفكر النساني. غير أنه رغم تلك المجهودات لم تكن سوى مراحل في تاريخ نشأة علم الاجتماع ولم يستطع علم االجتماع أن يكون ندا للعلوم الطبيعية إال في أواخر القرن 19 حيث استطاع أن يحدد الظواهر الخاصة به، ويحدد المنهج الذي يمكنه من دراستها بموضوعية واستقالية تمكنه من الكشف عن أسباب الظواهر واستخراج القوانين المتحكمة في الظواهر.
مما يمكن معه من اصالح المجتمعات والتنبؤ بمستقبل الظواهر االجتماعية. لقد ولدت السوسيولوجيا من انقالب هذا االنقالب في حقيقته، انتقال إلى مجتمع جديد حصل في ملتقى ثالث ثوارات الثورة السياسية الثورة الفرنسية ( والثورة االقتصادية ) التحول الصناعي الذي عرضته أوروبا ثم الثورة الفكرية التي هي انتصار العقالنية والعلم والفلسفة الوضعية على التقاليد وعلى العقلية الساذجة، انقلب على طريقة التفكير وطرق معالجة الظواهر وتفسيرها.
نجحت السوسيولوجيا في وضع التصورات لنظام جديد:
1 -تصور يخص طبيعة المجتمع كان في السابق متحكمة فيه القوى الخارجية.
2 -المجتمع الحديث كان يمتلك قوانين عمله الخاصة به والتي يمكن الكشف عنها.
نقف شيئا ما عند الثورات التي كانت السبب في نشأة علم الاجتماع.
1 .القرن 19 عرف بالثورة الصناعية التي صاحبها:
- التمدن أو التحضر أو ما يمكن أن نصطلح عليه تقسيم عمل جديد أو ظهور آليات تضامن جديدة التضامن اآللي والتضامن العضوي انطالق الرأسمالية التجارية، والمكننة أي نحن أمام عمل جديد بمهارات جديدة وعقلية جديدة خلفت وحدات إنتاج واسعة، االنتقال من إقتصاد الكفاف إلى االقتصاد التجاري والصناعي أدت إلى تشكل الطبقة العاملة.
- العمل - التضامن االجتماعي االنتقال من الفالح إلى العامل في المدن.
هذه الامور مجتمعة وغيرها خلق خوفا من األمراض االجتماعية العنف واالنحراف واالضطرابات كانت بشكل مباشر وراء األبحاث االجتماعية.
السوسيولوجيا األمريكية في أوائل القرن 20 ظهرت من الرغبة في فهم الهجرة والتمدن والتحضر.
2 .ظهور الفكر العلمي والعقلنة:
أعلن كونت ميالد ووصول الوضعية أي قيام علم مؤسس على التفسير العلمي الخاضع لمعرفة الظواهر عن طريق التجربة. لقد إبتكر السوسيولوجيا وأراد أن يجعل منها ميدانا للمالحظة األمريكية الصارمة بخصوص الظواهر االجتماعية.
ماهي دواعي قيام المنهج الوضعي؟
من الاشياء التي أصبحت تابثة في الفكر الغربي هي الصراع القائم بين العلم والدين حيث إعتقد بعض المفكرين أن هذه السمة طبعت عالقة العلم بالدين على االطالق وليست سمة خاصة بالفكر الغربي إذ لم ينقطع الصراع بينهما صراع يريد به كل منهما أن يدمر صاحبه ال أن يغلبه فحسب كما يقول "إميل بوكرو" لقد انتهت هذه الالزمة خالل القرن التاسع عشر ومع المتغيرات التي حصلت وأشرنا إليها قبل قليل أدو إلى إقصاء النسق الديني من مجال الحياة وحصره داخل جدران المعابد.
وطرده من مجال النظر العقلي إلى مجال االحساس والشعور. وإنتهى كذلك إلى تخلص العلم من الرق والعبودية التي فرضها التفكير الديني الذي فرضته الكنيسة الكاثوليكية وبدافع من الرغبة في مقاومة نفوذها.
لهذا قاد الفالسفة حملة على هذا األسلوب تمخضت عن إقتناع الغرب بضرورة قيام المنهج الوضعي.
أ- أسلوب التفكير الالهوتي المنتهج من طرف الكنيسة:
كان تفكير الكنيسة يتجه اتجاها معاكسا للحقيقة والواقع، وبقي موغال في ميتافيزيقية عقيمة تأليه المسيح.
نسج الباباوات خرافات عديدة حول الفكر الديني.
"سان سيمون" يقف في وجه البابا وكنيسته بهذه التهمة النافذة، " إنني أتهم البابا وكنيسته بممارسة البدع والهرطقات والتعليم الذي كان يعطيه رجل الدين الكاثوليكي للعلمانيين الذين يشاركونه في الرأي هو تعليم فاسد، فهو ال يوجه إطالقا تصرفاتهم إلى طريق المسيحية وإتهم رجال الدين بعدم إكتساب أية معلومات من شأنها أن تجعلهم قادرين على قيادة األتباع المومنين في طريق خالصهم.
طبعي جدا أن يناهض المفكرون الاحرار قرارات الكنيسة ويعلنون علمانيته ولا دينيته ويعلمون على تقويضه.
اضطهاد الكنيسة للعلماء:
إحتكرت الكنيسة مجال التفكير وحرمت كل تفكير يخالف التقاليد البابوية. وكان السائد أنذاك هو النزعة النصية وتحكيم الكتاب المقدس في مجاالت الحياة، هذا التقديس وقف في وجه نمو العلم وفي طريق التجربة العلمية وقد بقي الحال هكذا طيلة فترة نفوذ الكنيسة، لقد استقر في ذهن الانسان الغربي وجود عالقة عكسية بين الدين والحضارة أي كلما سيطر الدين ماتت الحضارة وكلما تنحى الدين استردت الحضارة روحها.
تدخل الكنيسة القسري في كل مجالات الحياة:
لقد حكمت الكنيسة في 500 إلى 1500 وطيلة تلك الفترة تتدخل قسريا في كل مناحى الحياة وجزئياتها وكانت الحقوق الاولية للانسان الاجتماعية والثقافية والسياسية مشروطة بأن يكون كاثوليكيا وتابعا للكنيسة الرسمية وقابال لكل أحكامها وتعاليمها.
التحاف بين النظامين الاقطاعي والالهوتي:
لقد كانت الكنيسة تفرض قوالبها الفكرية التي يتحتم على الناس أن يصوغوا ووفقها سلوكهم وأساليب تفكيرهم وكان النظام الاقطاعي يقدم التغطية الامنية الالزمة لتنفيذ قرارات الكنيسة وقد خلف ذلك تدميرا كبيرا في نفوس الرعايا وارتبطت به كل معاني التهجين. وهو ماجعل الاحرار يفرضون البقاء على هذه الحال ولا يرضون إلا بتقويضه ككل.
تأسيس الوضعية البديلة الالهوتية.
الاطار التاريخي لنشأة الوضعية:
كل ما سبقت الاشارة إلية يعتبر مؤشرا على قيام نظام فكري جديد يحكم نفوذ الكنيسة وكل ما يدور في محيطها من معالم ونظم، حيث إن هناك بالمقابل تحولات هيئات الفكر الغربي ليصب أساليب تفكيره في قوالب الوضعية ..
- منذ عصر النهضة والبحث جار عن أسلوب بديل وحاسم في التفكير يقوم مقام الكنيسة والفكر الالهوتي القديم.
- منذ بداية القرن 18 قطعت أشواط كبيرة نحو التحرر لدرجة أن هذا القرن سمي عصر الانوار التنويري والمقصود إبعاد الوحي عن التوجيه والإيمان بقدرة العقل الانساني على فهم ظواهر الكون واستيعابها وإخضاعه لحاجات الانسان.
بدأ إنتقاد النظم السياسية والاخالقية والدينية السائدة والعمل على استبدالها وفق ما تفرضه المعايير العقلية وحدها.
- مع نهاية القرن 18 كان ملامح العلمانية واضحة وهي السمة الغالبة على الاتجاهات الفلسفية إذ بدأت تبسط نفوذها على المرافق التي كانت تسيطر عليها الكنيسة من قبل، وبذلك مهدت لأكبر ثورة إجتماعية وتقافية في تاريخ الغرب وهي الثورة الفرنسية التي كانت أعظم سند لقيام المنهج الوضعي، الذي سيتجسد في فلسفة "أوجيست كانت" وهو الطابع الذي ميز القرن 19 ويقول "كانت" لوالها لما أمكن أن توجد نظرية التقدم ولما أمكن تبعا لذلك أن يوجد العلم الاجتماع ولما أمكن بالتالي أن توجد الفلسفة الوضعية.
لقد خلفت الثورة الفرنسية أزمة كبيرة داخل المجتمع الفرنسي لا نقصد هنا الازمة السياسية الاستقرار ولا المؤسسة الاجتماعية فحسب بل المهم هو التفكير وازدواجية المعايير في التعاطي مع القضايا الاجتماعية لان الصراع لا يزال قائما لانه لم يتم القضاء بشكل نهائي على الفكر الظالمي ولان الفكر الجديد لم يتم تنظيمه فطال أمد الصراع بين الفكر الالهوتي وبين الفكر الواقعي.
إن الفترة ما بعد الثورة كانت مرحلة إعادة البناء الاجتماعي على مستوى المؤسسات وعلى مستوى التفكير، حيث إتجه المفكرون إلى إنشاء نظم جديدة لتنظيم المجتمع.
تأسيس المنهج الوضعي:
كان "أوجيست كونت" يمثل فلسفة القرن 19 حيث ترك أثرا كبيرا بين المفكرين في مختلف المجالات " القصة الرواية الشعر" وإمتد تأثيره خارج فرنسا، ورأى "ليفي بريل" إلى أن الروح الوضعية إمتزجت بالتفكير العام في القرن 19 إلى درجة أنها أضحت طبيعية لا يمكن أن نلاحظها تقريبا.
- هذه الجهود لم تكن وليدة اللحظة بل هي ثمرة لجهود النهضة الاوروبية والنضال الذي قاده الاحرار، من أجل تقويض التحالف الاهوتي والاقطاعي، وقد أصبحت الوضعية نظاما يهيمن على التصورات وعلى أساليب التفكير، يقوم على المحسوس ويقصى كل عناصر التفكير الميتافيزيقي.
- بدأت الوضعية مع "سان سيمون" 1760/1825.
الفكر الوضعي كان على درجة من الوضوح بحيث هناك تقارب بينه وبين أوجيست كونت إذ لا نجد إختالفا في تحليل وأسلوب التفكير بينهما.
- وعمل كونت على توسيع دائرة الوضعية ليجعل منها نظرية متكاملة ذات بعد فلسفي تستوعب مجموع الثراث الانساني في ماضيه وحاضره، وجعل منها منطلقا في التحليل، يمتد إلى كل أطراف العلوم الطبيعية منها والاجتماعية والانسانية.
- لقد ساد التفكير الديني في المجتمعات ماقبل العلمية، أما وقد بلغ المجتمع مرحلة الوضعية فلا مبرر للاحتفاظ بالتجربة والبراهين الميتافيزيقية. قال "سان سيمون" إن السلطة العلمية والوضعية هي نفس مايجب أن يحل محل السلطة الروحية، ففي العصر الذي كانت فيه كل معارفنا الشخصية حدسية وميتافيزيقية بصفة أساسية، كان من الطبيعي أن تكون إدارة المجتمع فيما يخص شؤونه الروحية في يد السلطة الالهوتية، مادام الالهوتيون أنذاك هم الميتافيزيقيون الموسوعيون الوحيدين. وبالمقابل عندما تصبح كل أجزاء معارفنا قائمة على أساس المالحظة فإن إدارة الشؤون الروحية يجب أن تستند إلى القدرة العلمية باعتبارها متفوقة على الالهوتية والميتافيزيقية.
التحول من اللاهوت إلى الواقع أمر طبيعي وواقعي يتماشي والسير العام لتقدم العقل الانساني.
إن وظيفة هذا العلم لن تكون أبدا اضطهاد الفكر وإبعاده عن المشاكل الواقعية.
ماهي الاسس المنهجية التي تقوم عليها الوضعية؟ وماهي انعكاستها على العلوم الانسانية.
1 -إعتبار الحس وحده مصدرا للمعرفة الاجتماعية.
2 -اعتبار النموذج الطبيعي سلطة مرجعية للعلوم الانسانية.
3 -إخضاع الظواهر الاجتماعية للتجريب.
4 -تشيئ الظواهر الاجتماعية.
يقول دوركايم: إن العالم لا يستطيع أن ينهج منهجا آخر غير اعتبار الحس نقطة بدء لدراسة … ولن يستطيع أن يتحرر من الافكار الشائعة والالفاظ التي تعبر عن المعاني إلا إذا جعل الحس هو المادة الاولية التي البد منها في نشأة كل معنى كلي، وبهذا تنفي الوضعية كل مصدر معرفي خارج هذا الاطار وجعل الحس وحده المصدر الوحيد في بناء المنهج العلمي.
يؤكد علماء الوضعية على وحدة المنهج العلمي بمعنى أن المنهج المستمد من الفزياء هو نفسه صالح لدراسة الانسان وظواهره، ذلك المنهج القائم على المالحظة والتجربة يقول كونت:
إننا ما إن نفكر بشكل وضعي في مادة علم الفلك أو الفزياء لم يعد بإمكاننا أن نفكر بطريقة مغايرة في مادة السياسة أو الدين.
فالمنهج الوضعي الذي نجح في العلوم الطبيعية غير العضوية يجب أن يمتد إلى كل أبعاد التفكير.
إن الغرض من هذا هو القطع مع الانفصام الذي كان يحكم العلماء من قبل الدين كانوا يعالجون الظواهر الطبيعية بالمنهج الوضعي والظواهر الانسانية بالمنهج الالهوتي.
ومن جهة أخرى بغية التعرف على المجتمع باعتباره محكوم بقوانين وعلماء الاجتماع ملزمون للكشف عن هذه القوانين عن طريق المالحظة الحرة دون استحسان أو استهجان للظواهر السياسية، وأن يرى فيها مجرد موضوع قابل للمالحظة…
على كل يمكن القول تأسيس كونت للفزياء الاجتماعية تم استبدالها بعلم الإجتماع sociologie وبعدها تم شيوع هذا المصطلح في الثقافة الغربية ليصل إلى الثقافات الكونية الاخرى.
وقال "كونت" بشأن ذلك: لدينا الفزياء سماوية وفزياء أرضية ميكانيكية أو كيماوية، وفزياء نباتية وفزياء حيوانية ومازلنا في حاجة ومازلنا في حاجة إلى نوع آخر وأخير من الفزياء وهو الفزياء الاجتماعي. ذلك العلم الذي يتخذ من الظواهر الإجتماعية موضوع لدراسة باعتبار هذه الظواهر من روح الظواهر العلمية والطبيعية والكميائية نفسها.
من حيث كونها موضوع للقوانين التابثة؟؟ بالرغم من السبق في التسمية إلا أن كونت لم يعطي تعريفا لظواهر الإجتماعية لأنه يرى بان سوسيولوجيا تدرس كل الظواهر التي لم تدرسها العلوم السابقة.
ويرى عبثا تعريف الظواهر الإجتماعية باعتبارها كل الظواهر الانسانية بما فيها ظواهر علم النفس كما إعتبر الإنسانية هي موضوع العلم ولذلك لم يحدد موضوع علم الاجتماع.
اعتبر أن الإنسانية هي الحقيقة والعلم الجدير بالدراسة والبحث كموضوع لعلم الإجتماع ولذلك قسمها إلى حالتين:
الدينامية الإجتماعية والستاتيك الاجتماعية، فالديناميك الاجتماعي يدرس التغير وحركة المجتمع عبر الصيرورة الزمنية أو التصور التاريخي والدياكروني. وبذلك اهتم بدراسة قوانين الحركة الإجتماعية والسير اآللي للمجتمعات الإنسانية والكشف عن مدى التقدم التي تحققه الإنسانية في تطورها.
دراسة المجتمع الإنساني وانتقالي من حال إلى حال أما الستاتيك الاجتماعي يدرس المجتمع في حالة الاستقرار والثبات والنسبية في فترة معينة من تاريخها وكذلك الاجتماعي الإنساني في تفاصيله وجزئياته ونظمه وقواعده السياسية والاخلاقية والدينية والقضائية...
وفي عناصرها ووظائفها بغية الكشف عن القوانين المتحكمة في التضامن بين النظم االجتماعية.
أوغيست كونت 1857/1798
يعتبر أوكيست كونت من الأوائل الذين ثاروا على الفكر الظالمي وتبنوا طريقة جديدة في دراسة المجتمع حيث تبنى المنهج التفسيري في دراسة الظواهر السوسيولوجية وفق أربع إجراءات أساسية هي:
الملاحظة والتجربة والمقارنة والمنهج التاريخي، مستلهما المنهجية المتبعة في العلوم الطبيعية الكمياء والفزيولوجية.
ويؤكد "كونت" على أن الملاحظة أو استخدام الحواس الفيزيائية يمكن تنفيذها بنجاح إذا وجهت عن طريق نظرية واستيعاد الاستيطان أكثر ما يمكن.
كما أكد على إمكانية عقد المقارنات التي تعيش معا زمنا بعينه وبين الطبقات الإجتماعية داخل المجتمع الواحد. ويعتبر المنهج التاريخي الذي يختلف بشكل كبير المناهج المستخدمة عند المؤرخين الذين يؤكدون العالقات السببية بين الوقائع الملموسة ويقيمون قوانين عامة كيفما اتفق، بحثا عن القوانين العامة للتغير المستمر في الفكر االنساني.
كما أشرت سابقا يعتبر "كونت" من الرواد المؤسسين للوضعية positirsme الدين قعدوا وأسسوا علم الاجتماع على أسس علمية تحاكي التجريبية العلمية معتمدا على المالحظة والتجربة والمقارنة والتاريخ وعرف كذلك بواضع " كانون" الحالات الثالث التي يفسر فيها تطور الإنسانية أو الفكر الإنساني.
اللاهوتية والميتافيزقية والوضعية:
لقد تبت بالدراسة والبحث لدى " كونت" أن كل فروع المعرفة مرت بصدد تفسيرها الظواهر من الدور اللاهوتي إلى الدور الميتافيزقي انتهاء بالدور العلمي.
1 - المرحلة اللاهوتية أو الدينية:
في هذه المرحلة كان الإنسان سيفكر بطريقة خيالية وأسطورية وخرافية وسحرية وغيبية ودينية.
وكانت الظواهر الطبيعية تفسر وفق قوى خفية مصدرها الأرواح والشياطين والعفاريت والالهة.
وكانت هناك تغييب تام للحتمية التجريبية والقانون الوحيد المعترف به هو الصدفة.
2 -المرحلة الميتافيزقية:
في هذه المرحلة انتقل الإنسان من الأسطورة والخيال إلى اللوغوس والعقل المجرد وبدأ يهتدي بالتأمل الفلسفي واستخدام العقل والمنطق واالستدلال البرهاني والحجاج الجدلي وتواكب هذه المرحلة الفكر الفلسفي من اليونان حتى القرن 19 قرن التجريب والاختبار والوضعية.
وكان المنهج الميتافيزقي يقوم على التأمل النظري والبحث المطلق يدرس الحقائق الكلية بحثا عن العلل الأولى لا يؤمن بخضوع الظواهر إلى قوانين يمكن الكشف عنها، منهج مطلق كانت غايته هي وضع مبادئ فلسفية لا سبيل إلى تصورها.
3 -المرحلة الوضعية:
لقد تجاوز العقل الإنساني في هذه المرحلة، مرحلة الخيال والتجريد، وبلغ درجة كبيرة من الوعي العلمي والنضج التجريبي ألنه يقوم على الملاحظة وتقرير طبائع الأشياء كما هي وأصبح التجريب أو التفسير منهج البحث العلمي الحقيقي، يدرس الحقائق الجزئية وعناصر الظواهر بحثا عن أسبابها المباشرة ويربط الظواهر المتغيرات المستقلة بالمتغيرات التابعة ربطا سببيا في ضوء مبدأ الحتمية العلمية، ويعتبر "كونت" على أن هذه المرحلة هي نهاية تاريخ البشرية نظرا للآليات بخضوع الظواهر إلى قوانين يمكن الكشف عنها بطريقة علمية.
يعقد "كونت" موازينه بين أدوار الاستاتيكة الثالث وبين الأدوار التي يمر منها الفرد في نشأته، إذ تتوافق كل مرحلة من هذه المراحل مع تطور الإنسان من الطفولة حتى الرجولة مرورا بالشباب وتتطابق الوضعية مع مرحلة النضج والرجولة والاكتمال تبقى الامور هذه نسبية كدراسة النظام الاسري والنظام الابوي والنظام الاقتصادي والتركيز على العالقات الترابطية والسببية بين المتغيرات.
- تدور أبحاث "كونت" في حالة الديناميك الاجتماعي حول نظريتين اثنتين:
هما قانون الحالات الثالث وتقدم الانسانية.
1 -جاء قانون الحاالت الثالث كنتيجة لدراسة الديناميك الاجتماعي الذي حاول فيه دراسة قوانين الحركة الإجتماعية وسيرورة المجتمعات الإنسانية والكشف عن التقدم الحاصل في تطورها، وبذلك خلص إلى الانتقال من المعرفة القائمة على المتيولوجيا إلى الميتافيزيقي إلى الدور الأخير الوضعي ويقصد بذلك بأن تاريخ النظم والحضارة والفنون وتطورها ومظاهر القانون والسياسة لا يمكن فهمه إلا بالوقوف على تاريخ التطور العقلي بوصفه المحور الأساس الذي تدور حوله كل الأنشطة الإجتماعية والإنسانية والشاهد على ذلك البد من انسجام في الفكر وبين مناحي الحياة الاجتماعية فكل تغير في الجانب الأول يتبع تغير في الجانب الثاني.
2 -نظرية التقدم:
لكي نفهم مقولة "كونت" جيدا البد من الرجوع إلى سابقية الدين فسروا الحركات الإجتماعية باالضطرابات أوالدبدبات التي تحصل في المجتمعات غير أن "كونت" قال بضرورة خضوع السير الاجتماعي لقوانين تحدد بالضبط سير تقدمها وتطورها، وقد حدد مظهرين يصاحبان الإنسانية في الانتقال وهما التحسن في الحالات الإجتماعية يقصد به التقدم المادي الواضح ويتوقف على المعرفة بقوانين الظواهر الإجتماعية والتدخل على أساسها لتحقيق الاصالح والتقدم المنشود. وتحسن في الطبيعة الإنسانية وهو تحسن بيولوجي طبي وعقلي، بالكشف عن وسائل جديدة للسيطرة على الطبيعة والإنسان.
صنف كونت العلوم إلى ست مجموعات:
1 -الرياضيات
2 -الفلك
3 -الفزياء
4 -الكمياء
5 -علم الحياة
6 -علم الإجتماع
وقد جعل من الرياضيات مفتاح العلوم جميعا أما علم الاجتماع فهو آخرها ونتاجها جميعا. فقد توصل اليونان إلى الرياضيات. ثم الفلك الذي ظهر على يد "كبرنك وكيلر وغاليلو" الفزياء ظهر على يد "الفوازييه" في القرن 17 وعلم الأحياء في القرن 19 عند بيشاط Bichat وغيره.
وأخيرا علم الاجتماع في القرن 19 على يد "أوكيست كونت" وقد صنف العلوم من المجرد إلى المحسوس ووسع النظرية الوضعية لتشمل العلوم الطبيعية والإنسانية.
ويتكون التحليل الاستاتيكي من ثالث مكونات:
1 -الفرد
2 -الأسرة
3 -المجتمع
1 -الفرد: أعطى "كونت" في تصوره للفرد مكانة ثانوية مقابل الجماعة لكون القوة اإلجتماعية تستمد من تضامن الأفراد ومشاركتهم في العمل وحسب توزيع الوظائف فالفرد مجرد عنصر اجتماعي ضمن جماعة كبيرة هي التي تحدده فال قيمة لا لقوته الطبيعية ولا العقلية إلا بالاتحاد مع الآخرين فقيمة الفرد الاخلاقية تستمد أيضا من العقل أو الضمير الجمعي، والتضامن الخلاقي في المجتمع، وفي النهاية فالفرد حسب "كونت" هو حصيلة اختالط وامتزاج العقول والتفاعل الوجداني بين الأفراد واختالف الوظائف وتنوع الأعمال ذات الأهداف الواحدة والغايات المشتركة.
2 -الأسرة: تعتبر الأسرة كمؤسسة اجتماعية صغيرة الخلية الوسط التي يتجلى فيها التفاعل الوجداني واختالط الوظائف وامتزاج العقول والوسط الذي تتحقق فيه مظاهر الحياة االجتماعية.
كما يظهر فيها الاتحاد ذو الطبيعة الاخالقية ألن من وظائفها الأساسية هي الجانب العاطفي والجنسي الإنجاب التربية… فأفراد الأسرة يتقاسمون مشاعر وعواطف ويشتركون في االنجاب والتربية والحقوق والواجبات واستدماج لثقافة المجتمع في شخصية البناء.
3 -المجتمع: هو مؤسسة المؤسسات فهو وحدة حية مركب ومعقد ويبدو التعاون والتضامن من أهم مظاهره التي تحكم المجتمع وتسيطر عليه، وهو ما يسمى بتقسيم العمل وتوزيع الوظائف الإجتماعية.
وفي إطار تدخله إلصالح المجتمع يرى "كونت" بأن مبدأ التضامن الاجتماعي لا يتحقق في أي مجتمع إلا من خلال الاهتمام بثالث أنظمة أساسية: التربية والتعليم والأسرة ثم النظام السياسي.
إذ يرى ضرورة قيام أي نظام تعليمي على أسس وضعية إذ يجب أن تحل الأسس العلمية محل التجريد والميتافيزيقا وفصل التعلم عن السياسة حتى يتم إبعاده عن النفاق والإثارة والنزعات التي تفسد الطبائع، ثم ضرورة أن يكون التعليم على ثالث مراحل:
المرحلة الإبتدائية ثم الثانوية ثم العالي.
أما الأسرة فيجب في نظر "كونت" أن تبنى على أساس تعويد الأطفال على التضامن الاجتماعي ونبد األنانية ولذلك احتلت الأم مكانة مهمة في التنشئة الإجتماعية والتربية على الوضعية في شخصية الأطفال عيادة الإنسانية.
إصلاح النظام السياسي:
نظرة "كونت" إيجابية للحكومة فهو مؤشر دليل على تخلف أو تقدم المجتمع ولم يقبل بالمقولة السائدة خالل القرن 18 كونها شر البد منه فتقدم المجتمع رهين 11 بالتناغم بين المجتمع والحكومة وفي قدرة هذه الأخيرة إعطاء قيادة حكيمة ورشيدة للمجتمع، وحدد وظيفتها في السهر على تحقيق مبدأ التضامن الاجتماعي وتوحيده ورعاية الوظائف المادية الروحية وحفظ الدين وغرسه في نفوس أفراد المجتمع. يفكر "كونت" في أن يحل المشاكل الإجتماعية من خلال السوسيولوجيا.
التفاعل
info@melaidi.com
+212662878411
© 2025. All rights reserved.